الجمعة، 6 مايو 2011

فى ذلك الشارع العتيق


لا يعرف لماذا اخذته قدماه لهذا المكان

ذلك البيت العتيق..الذى كانت تسكنه معه

من الغريب انه وجد تلك الشجرة كذلك هناك

ولكنها كانت...منكسرة...لا تملك اوراقا خضراء كما اعتاد منها

ألقى السلام بعينيه على بيته القديم

وعلى بيتها...

عجب كثيرا لهذا الهدوء الذى استوطن المنطقة

فهذا الشارع كان يموج بأصواتهم وهم صغار

فهنا كانوا يلعبون وهنا كانوا يجرون فرحا عندما تمطر السماء

وهنا كانوا يبكون...عندما رحلت وتركتهم

....

نظر إلى شرفته القديمة ... ولكنها كانت مغطاه بالتراب الكثيف

وكذلك شرفتها

تذكر اول لقاء بينهما

عندما جاءت والدتها تتشاجر مع والدته وكانت برفقتها

تمسك طرف ثوبها وتتوارى فيه من خجلها

وعندما لمحها ..ابتسم لها فابتسمت له ابتسامة صغيرة

كان الكبار يتشاجرون .. وهم يبتسمون ويتبادلون النظرات

كانا صغيرين...فقط سبعة اعوام او ربما ثمانية

أكمل سيره وتذكر ذلك البستانى الذى كان دائما ما يذهب اليه

ليطلب منه وردة ليعطيها...لها

طالت به الذكريات وتهربت دمعتان من جفونه فأسرع فى اخفائهما

كى لا يلحظهما احد..

تذكر كم كانت ملكة جمال...وكم كانت رقيقة كتلك الاوراق

التى كانت تتساقط عليهما من شجرتها الجميلة

تذكر كم كانت تخجل عندما يخبرها باعجابه بفستانها الطويل

الذى كان دائما يخبرها بضرورة ان تحافظ على نفسها من نظرات

هؤلاء الاولاد الاشقياء فى الشارع المجاور لهم

... ثم وقف ينظر الى السماء...يراقب تلك السحابات

وتذكر كم كانت عيناها تذكره بهن..بنقائهن وبراءتهن

وأخذ يتمتم فى نفسه : كم كانت جميلة...كانت ملكة..تربعت على عرش قلبى

.. كانت حبى الوحيد..الوحيد..

سكت هنيهة ثم تذكر ذلك اليوم المأساوى الذى غير كل حياته

فى الأمس...كان فى بيتها يزورها مع عائلته

من باب الجيرة والعشرة...

ثم اتى صباح يوم....لا تستطيع كلماتى سوى ان تصفه بأنه كان مأساوىٌ

تناول فطوره كعادته وذهب للاستعداد للذهاب اليها

ولكنه تفاجئ بوالده قد جاء مبكرا من عمله

وقد بدا على وجهه الوجوم..

ذهب مسرعا اليه..ماذا بك أبى ؟؟

نظر اليه..واحتضنه سريعا وقال له...لقد ماتت

.م..م

من ماتت..ماذا تقول؟؟

لا انا لا اصدقك ..لا هي لن تموت

انت اخبرتنى بأنها ستشفى من مرضها

وستصبح فى احسن حال

انت تكذب

انت تكذب

...ليتنى اكذب ..

اخبرتنى بأنها تعانى من مرض بسيط وستشفى....

لم يتمالك الاب نفسه وانهمر فى البكاء

وهو..خرج من البيت ينادى عليها

ويصرخ...لا تموتى...انتى حبيبتى...لقد احببتك

لا تموتى ..انتى حبيبتى ..لقد احببتك

لا تموتى..انتى حبيبتى..لقد.....تركتينى وحيدا

..............

بعد ان استعاد ذكريات ذلك اليوم غادر ذلك الشارع العتيق

وذهب ليطمئن عليها..فى قبرها

..

هوه الان فى التاسعة والعشرين من عمره..بعد ان مر عشرون

خريفا على هذا الحادث المأساوى

الذى عرف بعدها انها كانت مصابة بالسرطان..

فقرر ان يصبح طبيبا متخصصا فى علاج اورام الاطفال

وبالمناسبة فهو الان متزوج ولديه طفلتان

وزوجة...غير التى اراد ان تكونها زوجته

ولازال فى كل سنة فى يوم مولدها يذهب الى ذلك

الشارع العتيق ليرى ذلك البيت العتيق وتلك الشجرة

المنكسرة على موتها

ويذهب لقبرها يقرأ عليها الفاتحة..ويتمنى ان يراها فى الجنة

هناك تعليق واحد:

always her يقول...

شيئ جميل ممكن تزورى مدونتىwww.raiedahmed.blogspot.comانا رائد من فلسطين وهتم بهالامور